التوحد و العلاج السلوكي

والسؤال عندما نتكلم عن التوحد، فإننا نتكلم عن طفل يفتقد كثيراً من جوانب التعامل في الحياة التي تجعله حالة خاصة تختلف عن بقية الأطفال. ومن الجوانب المهمة في شخصية الطفل المصاب بالتوحد، الجانب السلوكي، حيث يعتبر جزءاً مهماً تهتم به أسرة الطفل.


ومن هنا يجب أن نتوقف لأننا سوف نتحدث عن سلوكيات غير موجودة في الطفل العادي، لذا نجد أن سلوك الطفل المتوحد، هو سلوك خاص، لأنه يتغير بشكل كبير من طفل إلى آخر، فليس هناك طريقة واحدة ثابتة نتبعها لتعديل سلوك المتوحد، مثل سلوك الصراخ والنشاط الزائد وضعف التواصل البصري.هنا، هل يمكن لسلوكيات الطفل المتوحد، تعديلها أو الكف عن صدورها كمعيار للسلوك؟الإجابة هي نعم، يمكن تعديل سلوكياته بشكل كبير لأن الله خلقه مثل بقية الأطفال، لكنه طفل من نوع خاص يحتاج إلى احتياجات نفسية واجتماعية خاصة وطريقة خاصة في التعامل والتعلم، ويجد البعض أن التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد مشكلة صعبة ولكن في الواقع مشكلة سهلة لأننا إذا قمنا بفهم الطفل ودرسنا جميع الظروف الخاصة به وأدركنا احتياجاته إدراكاً كاملاً على أنه طفل خاص فسوف ننجح.


كيف يتم تعديل سلوك طفل توحدي؟
يعتبر سلوك الطفل المتوحد سلوكاً معقداً، لأننا في أغلب الظروف لا نعرف لماذا يصدر هذا السلوك والسبب أن الطفل لا يعبر بشكل طبيعي أو لا يستطيع التعبير عنه أو لا يستطيع أن يجيب مثل الطفل العادي لذلك من المهم جداّ أن نحدد السلوك الذي نريد تعديله في الطفل المصاب بالتوحد وهي أهم نقطة في تعديل السلوك.


ولا أقصد بتعديل السلوك تعريفه، وإنما تحديده وبعد تحديد نوعية السلوك الذي يتم اختياره، يجب أن نحدد الجوانب التي يؤثر عليها السلوك بشكل سلبي أو الجوانب التي تعاني منها أسرة الطفل في حياته اليومية معه، حيث يوجد أكثر من سلوك في الطفل الواحد يحتاج إلى تعديل، وفي هذه الحالة يجب أن نعرف كيف تؤثر هذه السلوكيات على الجوانب الحياتية للطفل ونبدأ بالتعامل مع الأهم منها أولاً.


فنجد أن المعلم يقوم في عملية التعديل السلوكي للطفل المصاب بالتوحد بتعزيز السلوك حيث يستخدم السلوك البديل والتوجيه اللفظي وغيرها من الأساليب، لكني أرى أن تعديل السلوك يجب أن يأخذ منحى آخر يأتي بثماره الفعالة في عملية تعديل السلوك .


وهو مدى العلاقة بين الطفل والمعلم الذي يقوم بعملية تعديل السلوك ومدى استجابة الطفل وقبوله للمعلم، وهل إحساس المعلم بالاحتياجات النفسية والشعورية الخاصة بالطفل عالية، وهل المعلم لديه المرونة الكافية في استخدام أساليب جديدة في تعديل السلوك غير الأساليب المتعارف عليها في الكتب لذلك نجد أن ليس كل معلم قادرا على القيام بعملية تعديل السلوك بنجاح، فيجب أن تتوافر في أخصائي تعديل السلوك الصفات التالية: الصبر وقوة التحمل، روح التجديد والتنويع في الأساليب، والقدرة على التحكم والسيطرة على السلوك، وابتكار طرق جديدة في تعديل السلوك.


وأخيراً يجب أن نهتم بتعديل سلوكيات أطفال التوحد، لأنه مهما تقدم الطفل من الناحية الأكاديمية يبقى أن يواجه العالم الذي يعيش فيه، لأنه يواجه الناس ويتفاعل معهم في المواقف الاجتماعية وهذا ما تعانيه أسرة الطفل، لذا يجب أن يمارس الطفل المتوحد سلوكيات اجتماعية بشكل منظم.

سلوكيات الطفل التوحدي و كيفية التعامل معها

الوقاية خير من العلاج» ما زالت هذه المقولة هي خير نصيحة لتجنب الإصابة بالأمراض أو العاهات قدر الإمكان أو التخفيف من خطورة الإعاقات ولا سيما مع المصابين بالتوحد. ولأن أسباب الإصابة باضطراب التوحد مازالت مجهولة ولم يتأكد بعد ما إذا كان لها علاقة بالجينات الوراثية أو الظروف البيئية فإن وسيلة الوقاية هنا تستخدم لتجنب مضاعفات وتطورات هذا الاضطراب. فالصعوبات الناتجة عن الإصابة بالتوحد تحدث الكثير من السلوكيات غير المرضية ولا تكون هذه السلوكيات ناتجة عن كون الشخص المصاب بالتوحد عنيداً وانما هي ناتجة عن عدم فهمه لبيئته.إذا كنت تعمل أو تعيش مع أشخاص مصابين بالتوحد، فإنك تعلم أن هناك الكثير من السلوكيات السلبية التي تود تعديلها وقد تشعر بأنك لا تعرف من أين تبدأ وعلينا بالدرجة الأولى فهم الأسباب المحتملة للسلوكيات السلبية التي قد تصيب الأشخاص المصابين بالتوحد حتى نتمكن من معالجتها بالشكل السليم، ومن هذه الصعوبات:صعوبة التواصل واللغة: وتعد من أهم أسباب ظهور السلوكيات غير المناسبة، حيث إن عدم مقدرة الطفل في التعبير عن نفسه بالكلام يجعله يعبر عن نفسه بسلوكيات غير مناسبة مثل الصراخ والبكاء ورفضه للقيام بالأعمال المطلوبة منه. وعدم فهم الطفل للغة يحول دون قدرته على فهم المطلوب منه، والبطء في ترجمة اللغة واستيعابها يجعل فهمه جزئياً للعبارات. كما أن عدم فهم الطفل للكلام يحد من قدرته على التعلم من بيئته ويجعله متوتراً عندما يسمع تعليمات لفظية يصعب عليه فهمها.صعوبات في فهم القوانين الاجتماعية: مثلاً لكي يطلب الطفل اهتماماً من الآخرين قد يقوم بضربهم أو معانقتهم بشدة ولا يعرف ما هو تأثير سلوكه على الآخرين فيقوم بتصرفات غير لائقة أو مزعجة.صعوبات في فهم الوقت: الطفل يجد صعوبة في الانتظار لأنه لا يعرف تسلسل الوقت ويريد كل شيء بسرعة ولا يعرف بداية ونهاية كل نشاط وأيضاً لا يعرف ما ينبغي عمله.صعوبات في فهم المساحة المحيطة: حيث يجد الطفل صعوبة في إيجاد أماكن الأشياء في محيطه لهذا قد يبدو تائهاً ومتوتراً ويصعب عليه التنقل من مكان إلى آخر أو أنه يبدي الخوف عند الذهاب إلى أماكن جديدة بالصراخ والبكاء.صعوبات في فهم الملكية: يعتقد الطفل أن كل شيء ملكه ويأخذ أشياء الآخرين بدون استئذان.هكذا فإن حياة الأشخاص المصابين بالتوحد صعبة بالنسبة لهم بالإضافة إلى ما يشعرون به من خوف وتوتر لعدم فهمهم لبيئتهم، ويزداد هذا التوتر والخوف بتصرفات من حولهم الخاطئة من صراخ عليهم أو ضربهم! بدلاً من مساعدتهم على تعلم المهارات والتواصل مع الغير وتنظيم أفكارهم بحيث تكون طلباتنا معقولة ومناسبة كي يتمكن الطفل من تلبيتها وأن لا نغرق الطفل بمطالب ومهام لا يعرف كيف يؤديها لأن ذلك يؤدي إلى إحباطه.ولتجنب هذه النتائج يجب أن نعطي الطفل مهمات يعرفها بين الأمور التي نحاول أن نعلمه إياها ونستغل المهارات ونقاط القوة التي يمتلكها ونعمل على تنميتها مع تشجيعه وتحفيزه بمدح عمله. كما يجب علينا الحذر من الاستمرار في ذكر أخطاء الطفل وأن نكون أوفياء بوعودنا له وإلا فلن يثق الطفل بنا. وإذا هددت الطفل بأنك ستحرمه من شيء فافعل والا استهان الطفل بكلامك.كذلك يجب علينا استخدام المساعدات البصرية بقدر الإمكان، وأن نقرن التعليمات الملفوظة بصور ولا نكثرمن الكلام عندما يكون الطفل متوتراً ونتكلم بهدوء، لأن ذلك يساعد الطفل على فهم التعليمات أكثر مما لو كان المتحدث يتكلم بنبرة صوت مرتفعة، ونستخدم معهم وسائل التعزيز بعد كل عمل أو سلوك جيد، كما نستخدم لهجة الحماس ونمنح الطفل وسائل دعم مختلفة وطبيعية مثل الطعام والشراب.وأخيراً، إن فهمنا لحياة الطفل المصاب بالتوحد يساعد كثيراً على السيطرة على سلوكياته السلبية ومن ثم زرع سلوكيات إيجابية جيدة في حياته


منقول