السلوك الكلامي


هذه الأيام أقرأ كتاب رائع عن السلوك اللغوي للكاتبة ماري باربيرا.

السلوك اللغوي هو طريقة حديثة في تعليم الكلام لأطفال التوحد.

تنطلق هذه الطريقة من برنامج تعديل السلوك المشهور ABA وترتكز على مفاهيم قديمة وضعها عالم اسمه سكنر في كتابه Verbal Behavior عام 1957.

مفهوم هذه الطريقة هو اعتبار اللغة جزءا من السلوك وعدم اقصائه في طريقة التعليم عن تعديل السلوك بل يقوم الأهل والمدربين بتطبيق نفس الأساليب لتشجيع الطفل على استخدام اللغة.

الطريقة التقليدية التي يتبعها مدربي التخاطب مع أطفال التوحد تعتمد بشكل كبير على تسمية أشياء تعرض على الطفل في صور. وبعد أن تصبح الحصيلة اللغوية عند الطفل جيدة يبدأ المدرب التقليدي بإدخال الصفات ثم الأفعال وهكذا.

ذكرت الكاتبة ماري أن هذه الطريقة تجعل طفل التوحدي أشبه بالرجل الآلي. يجيد الإجابة على العديد من الأسئلة، لكنه في حالات كثيرة لا يستطيع طلب شيء ما أو التعبير عن نفسه. فقد تري طفل توحدي صورة تفاحة وتسأله (ما هذه؟) فيجيب (تفاحة) لكنه إذا رغب في أكل تفاحة فإنه لا يستطيع طلب تفاحة.

كما ذكرت الكاتبة أن تعليم الكلام يجب أن يركز على عدة مهارات وليس فقط مهارة تسمية الأشياء:

أولا: مهارة الطلب

تعتبر هذه المهارة هي المهارة الأساسية في طريقة التعليم الجديدة هذه. تذكر المؤلفة أنه يجب أن ندعم قدرة الطفل على طلب احتياجاته، ومن الملاحظ كما ذكرت الكاتبة أن التركيز على هذا الأمر يقلل المشاكل السلوكية بدرجة كبيرة ذلك أننا علّمنا الطفل القدرة على التواصل بغية تحقيق ما يريد هو.

فالرجوع إلى كيفية تعلم الطفل الرضيع الكلام، نلاحظ أن الطفل يُكثر من الأصوات التي تلفت انتباه أبويه بغية الحصول على اهتمامهما. ثم يبدأ مرحلة تسمية الأشياء التي تهمه حتى يستطيع الحصول عليها. إذا الكلام بالنسبة للإنسان منذ عمر مبكر هو سلوك يؤدي به للحصول على ما يريد.

ثانيا: مهارة تسمية الأشياء

وذلك من خلال الصور. لا تفضل المؤلفة استخدام مجسمات أو استخدام الأشياء نفسها للتعرف على اسمها ذلك أن الأمر قد يختلط على الطفل، فقد لا يفرق الطفل بسبب ذلك بين اسم الشيء وطريقة طلبه.

ثالثا: مهارة ملئ الفراغات

هذه المهارة الهدف منها تحسين قدرة الطفل على الإجابة على الأسئلة. تبدأ المهارة بتدريب الطفل على إكمال جمل قصيرة من أغاني يسمعها الطفل بشكل متكرر. كأن تغني الأم مقطع قصير من أغنية مألوفة لدى الطفل وتترك الكلمة الأخيرة وتنتظر بضع ثواني وهي تنظر إلى الطفل كي يكمل الطفل الأغنية. إذا لم يتمكن الطفل من ذلك تقول الأم الكلمة المطلوبة. بعد عدة محاولات سيفهم الطفل المطلوب ويلفظ الكلمة المطلوبة بنفسه. بعد أن يتقن الطفل هذا الأسلوب تنتقل الأم إلى استخدام عبارات عادية بغية أن يكمل الطفل آخر كلمة. مثال ذلك: أن تقول الأم (أنت تنام في .........) لتديب الطفل على قول (سرير) ولاحقا لتعليمه الإجابة على سؤال (أين تنام؟).

رابعا: مهارة تقليد الأصوات والكلمات

الهدف من هذه المهارة هو تحسين قدرة الطفل على تقليد الكلمات التي يسمعها باعتبار أن هذه المهارة يعتمد عليها الأطفال الطبيعين في تعلم الكلمات الجديدة عليهم. المطلوب من الأم أو المدرب فقط هو الجلوس أمام الطفل وقول كلمة (قل: كرسي). لا يهم هنا إن كان الطفل يعرف معنى كلمة كرسي لكن المهم أن يحاول تقليد الكلمة.

خامسا: مهارة فهم الكلام

نبدأ بجمل بسيطة جدا عبارة عن طلب بسيط للغاية من الطفل مثل (قف هنا) وفي نفس الوقت لا نستخدم أية إشارات لتوضيح معنى العبارة. إذا لم يستطع الطفل القيام بالمطلوب نساعده في ذلك. وبعد ذلك نرفع مستوى المهارة تديجيا.

سادسا: مهارة التقليد الحركي

هذه المهارة مهمة جدا في تعليم اللغة وذلك لتشجيع الطفل على تقليد كل ما يعمله الكبار. يجب الاقتصار على استخدام كلمة (اعمل هذا) ونقوم بعمل شيء بسيط كأن نجر سيارة، أو نمشط الشعر وهكذا ويجب الامتناع عن قول (جر السيارة أو مشط شعرك) للتأكد أن الهدف هو التقليد فقط وليس إرباك الطفل بالكثير من الكلام.

هناك الكثير من التفاصيل طبعا فالكتاب ممتع ومفيد.

اسم الكتاب: the Verbal Behavior Approach


تجـــارب
أتابع مع أخصائية في ABA وأعطتني برنامج بكل المهارات التي ذكرتها أود أن أضيف أن مفتاح تعليم هذه المهارات هو الحافز renforçateur حيث يجب اختيار حافز قوي يجذب اهتمام الطفل للتعاون معك لا بأس بالبداية بالحافز الغذائي renforçateur alimentaire ويتم سحب الحافز تدريجيا مع اكتساب الطفل للمهارة المنشودة.. بالنسبة لمهارة الطلب أظهر لابني شيءا أعلم أنه يحبه عندما يحاول الإمساك به أبعده وأعبر بوجهي أنني أريد أن أسمع طلبه إذا لم يستجب أقربه نحوه وعندما يحاول الإمساك به ثانية أرشده Guidance بأن أبدأ الجملة مباشرة "أريد ...." وأدعه يكمل الجملة وما إن يكملها حتى أعطه له على الفور. هنا يجب اختلاق حالات لجعله يعبر عن طلبه...بالنسبة لمهارة فهم اللغة أو ما يسمى باللغة الاستيعابية Langage récéptif أطلب منه حركات بسيطة مثل ضع يدك على رأسك، افتح الباب، اقفز .. بعد أن أطلب منه شيءا أنتظر بضع ثوان إذا لم يستجب أي أنه لم يفهم التعليمة Consigne أكررها له مع إرشاده Guidance بأن أمسك يده مثلا وأضعها على رأسه وأنا أكرر التعليمة. أما مهارة التقليد فنبهتني الأخصائية إلى ضرورة التفريق بين إعطاء التعليمة consigne وطلب التقليد(الحركي أو التعبيري) Imitation gestuelle ou verbale مثال أريده أن يصفق أنادي عليه وبعد أن ينظر في عيني أقول له صفق أما في الثانية فأقول له افعل مثلي وأصفق دون أن أنطق شيئا. كما يجب عند إعطاء التعليمة عدم الاستسلام عند رفض الطفل الانصياع بل يجب الحرص بقوة وحزم على تنفيذها إلى آخرها
أتمنى أن أكون أضفت شيءا مفيدا



منقول