العقاب والثواب في مدرسة علم النفس السلوكي.. أوجه الشبه والاختلاف!

للوهلة الأولى يبدو أنه لا شبه بين الثواب والعقاب من وجهة نظر المدرسة السلوكية.. لكن نظرة فاحصة تبين أن هناك شبهاً كبيراً بينهما. ابتداءً نحن نتحدث عن التعزيز (الثواب) والعقاب من وجهة نظر المدرسة السلوكية والتي تعرف الثواب بأنه مثير (موقف أو حدث أو أي شيء يستخدم..) يؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث السلوك أو تقويته مستقبلاً. والعقاب مثير يؤدي إلى تقليل احتمال حدوث السلوك أو إضعافه مستقبلاً. ومن هنا فإن أهم الفروق بين التعزيز والعقاب أن الأول يزيد أو يقوي السلوك بينما العقاب يقلل أو يوقف السلوك. وهذا الفرق جوهري لدرجة تجعل من الصعوبة مع النظر إلى جوانب الشبه بينهما. ومع ذلك فإن نظرة فاحصة تبين لنا أوجه الشبه التالية.




أولاً: إن كلتا الإستراتيجيتين تعرفان وظيفياً أي إننا لا نقول إن المثير معزز إلا إذا حدث التعزيز فعلاً, فمثلاً قد يعطي الأب قطعة من الحلوى لأنه استجاب لطلبه في موقف معين ولكن الطفل لم يستجب لأبيه في موقف تال. هنا لا تكون قطعة الحلوى معززة للطفل لأنها لم تعمل على تقوية السلوك أو تكراره. وبنفس الطريقة فإنه لا يمكن وصف المثير بأنه عقابي إلا إذا حدث إيقاف للسلوك أو أنه قل بمقدار معين. فإذا ضرب المعلم الطفل بسبب قيامه بسلوك ما ولكن الطفل لم يمتنع عن هذا السلوك ولم يقلله فإن الضرب هنا لا يعتبر عقاباً.



ثانياً: صحيح أننا نستخدم التعزيز لزيادة السلوك المرغوب فيه لكننا يمكن أن نستخدمه ليعمل مثل العقاب بتقليل السلوك غير المرغوب فيه من خلال أنواع التعزيز المختلفة مثل تعزيز السلوك البديل أو تعزيز السلوك الآخر وتعزيز السلوك النقيض. وهذا شبه كبير.



ثالثاً: في هاتين الإستراتيجيتين هناك تأكيد أن على أن السلوك متعلم سواء كان مرغوباً فيه أم لا وبالتالي فنحن نستطيع التأثير على السلوك بالزيادة أو النقصان حسب الحاجة.



رابعاً: إننا في هاتين الإستراتيجيتين نتعامل مع السلوك الظاهري فقط وهذه من أبجديات العمل في المدرسة السلوكية.



خامساً: إننا نعمل في الإستراتيجيتين للوصول إلى الحالة من المثالية قدر الإمكان, فإن كان السلوك المرغوب ضعيفاً قويناه إلى الدرجة المطلوبة (المثالية). وإن كان السلوك غير المرغوب فيه قوياً ضعفناه أو أوقفناه إلى الدرجة المقبولة (المثالية).



سادساً: يتنوع الثواب والعقاب فقد يكونان ماديين أو معنويين أو اجتماعيين أو رمزيين... إلخ.



سابعاً: يقسم التعزيز إلى نوعين إيجابي وسلبي وهذا ينطبق تماماً على العقاب إيجابي وسلبي مع أنه الاتجاهات الحديثة لا تميل إلى استخدام مصطلح العقاب الإيجابي من الناحية اللغوية, لكنه من الناحية الإجرائية كذلك. فالعقاب الإيجابي يعني إجرائياً: إضافة مثير ما يؤدي إلى تقليل السلوك غير المرغوب أو إضعافه.



ثامناً: إن كلتا الإستراتيجيتين تؤكدان على فكرة السلوك المحكوم بنتائجه, فإذا تم تعزيز السلوك يقوى ويتكرر أما إذا عوقب فإنه يقل أو يضعف.



تاسعاً: يمكننا استعارة وجه شبه آخر من كان من المدرسة المعرفية وهو أن التعزيز والعقاب يتأثران بقيمتهما المدركة عند الفرد وهي تشبه إلى حد ما النقطة الأولى, فنحن قد نعزز شخصاً ما لكن الاستجابة للتعزيز -تكرار السلوك مثلاً- مرتبط بإدراك الفرد لقيمته فإذا كان طفل لا يهتم للمال كثير وليس حريصاً على امتلاكه فإن قدراً من المال مهما كان قد لا يعطي النتائج المرجوة بدقة.

منقول