من هو لوفاس ؟

الدكتور إيفار لوفاس هو دكتور نفساني وبروفسور في جامعة كاليفورينا , إبتدأ رحلته في تعليم الأشخاص التوحديين في أواخر عقد الخمسينات من القرن العشرين , وقد بنى كل تجاربه على نظرية تعديل السلوك إذ أن الفلسفة الأساسية التي تنبثق منها هذه النظرية هي أن سلوك الإنسان مكتسب وظاهر وقابل للقياس , كما يحكمه ضوابط تحدث قبل السلوك أو بعده . وبناءً على هذا , فإن التحكم في الأحداث التي تثير السلوك وهو ما يحدث بعد أن يصدر الفرد سلوكا ً ما , كان من شأنه أن يوثر على نسبة ظهور ذلك السلوك .

فالسلوك الذي يتبعه شيء أو حدث محبب الى الشخص , يزيد ظهوره , بينما تنخفض نسبة السلوك الذي تتبعه عواقب سيئة . ولهذه النظرية تطبيقات وإجراءات دقيقة جدا ً قام لوفاس بتطبيقها مع الأشخاص التوحديين .

كما أنه أضاف عدة عناصر لبرنامجه التدريبي وإقترح بدوره أنها أساسية لنجاح التدريب , وهذه العناصر هي : التدريب المكثف ( 40 ساعة أسبوعيا ) , مشاركة الأسرة , التدريب المبكر , منهج تسلسلي من الأسهل الى الأصعب , عدم قبول الأطفال الذين يزيد سنهم عن 6-7 سنين أو يقل مستوى ذكائهم عن 40-50 .

بدا مشروعه بتدريب 20طفل عام 1963 ولمدة عام واحد في معهد ( مستشفى ) جامعة UCLA و كانت أعمارهم بين 5-12 سنة


وكان يهدف في البداية إلى اختبار فعالية أسلوب تحليل السلوك التطبيقي مع الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية و السلوكية الشديدة بما فيها سلوك إيذاء الذات . ولقد نجح في وقف سلوك إيذاء الذات عندما فشل الآخرون .

ولان النتائج كانت مشجعة عمل لوفاس و تلاميذه على إعداد برنامج ( منهاج ) يعتمد على فكرة التدريب على المهارات المحددة مع التكرار للوصول إلى درجة الإتقان و كانت المهارة التي يريد تعليمها تجزأ إلى مهارات جزئية ينتقل من مرحلة إلى أخرى تدريجيا وهذا كان ميلاد ما عرف بالتدريب من خلال المحاولات المنفصلة (District trial training)

وبعد سنة من التدريب اكتسب الأطفال المهارات المستهدفة و لكن و بعد عودتهم إلى البيئات الطبيعية خسروا كل ما تعلموه لان التعليم كان في بيئة مغلقة تختلف عن البيئة الطبيعية لذا أصبح هدف التدريب هو إيجاد بيئة قريبة من البيئة الحقيقية لتدريب الأطفال

لقد كان التدريب في البداية داخل المستشفى لأنه كان يعتقد بشكل كبير ان التدريب في بيئة مضبوطة أفضل و المستشفى كذلك ( بيئة مضبوطة ) لكن التعليم داخل المستشفى يعني عدم نقل الخبرات إلى البيئة الطبيعية

ثم تم تدريب الأهل للعمل مع أطفالهم أيضا مع ان الفكرة السابقة كانت ان يعمل الأخصائيين فقط مع الأطفال و ان يقتصر دور الآباء على التغذية و الباس الطفل ملابسه اما هنا فانه يتم التأكيد على انتكاس الطفل إذا لم يتم تدريب الآباء فالآباء يعطون عمقا و معنى لعمل الأخصائيين

في عام 1987 قام لوفاس بنشر شرح لبرنامجه ومدى تقدم الأطفال الذين إلتحقوا بالبرنامج بعد أن طرأ عليه التعديلات . وأشار الى أن الأطفال قد أبدوا تحسناً هائلا ً حيث أن 47 % منهم إرتفعت درجة ذكائهم الى المستوى الطبيعي وإلتحقوا بمدارس عادية , فكان لوفاس أول مَن وثق تقدم أطفال توحديين بشكل علمي من خلال إستراتيجيات تعديل السلوك .

مبادىء وطرق التعليم و تقنيات السلوك المتبعة في برنامج لوفاس

يُعد التعزيز والتعليم من خلال المحاولات المنفصلة من أكثر التقنيات السلوكية إستخداما ً في برنامج لوفاس . يُعرًَّف التعزيز بأنه " الإجراء الذي يؤدي فيه حدوث السلوك الى توابع إيجابية أو الى إزالة توابع سلبية للشيء الذي يترتب عليه زيادة إحتمال حدوث ذلك السلوك في المستقبل في المواقف المماثلة ،  فإن تبعات السلوك لا تعتبر كمعزز إلا إذا أحدثت زيادة في سلوك الشخص . وبناءً على هذا يكثف برنامج لوفاس من إستخدام المعززات ليس فقط للحد من سلوكيات الطفل السلبية فحسب , بل ليزيد أيضاً إمكانيات تعلم الطفل للمهارات المستهدفة في البرنامج . فعندما يكتشف الطفل أنه في حال قيامه بالمطلوب منه سيستطيع الحصول على شيء يريده , فهذا من شأنه أن يشجع التلميذ على القيام بالمطلوب . إلا أن إستخدام أسلوب التعزيز ليس بهذه السهولة بل له قوانين وإجراءات دقيقة ومفصلة ينبغي إتباعها مي يكون العزيز إسلوبا ً فعالا ً .

أما بالنسبة للتعليم من خلال المحاولات المنفصلة , فهو يتكون من ثلاثة عناصر أساسية : المثير , الإستجابة وتوابع السلوك .

وعلى سبيل المثال :
قد تقول المعلمة أو أم الطفل " ما لونه ؟ " فيجيب الطفل " أحمر " . حيث أن " أحمر " هي الإجابة الصحيحة , فتقوم والدته أو المعلمة بإعطائه قطعة من الشوكولاطة المفضلة لديه . فيعتبر المثير هو سؤال الأم " ما لونه ؟ " , والإستجابة هي إجابة الطفل " أحمر " , وتوابع السلوك هي إعطاء الطفل قطعة من الشوكولاطة . وتكرر هذه المحاولة عدة مرات قد يتراوح عددها بين 5-9 مرات . ينبغي أن يكون حجم المعزز متناسبا ً مع حجم الإستجابة وبالتالي إذا كانت إستجابة التلميذ ملقنة أي بمساعدة , فينبغي أن يصغر حجم المعزز عما لو إستجاب التلميذ من تلقاء نفسه دون مساعدة .

أما في حال عدم تمكن الطفل من الإجابة على السؤال , فقد تقوم والدته بإتخاذ عدة إجراءات منها عدم إعطائه الشوكولاطة أو مساعدته قليلا ً كقول الحرف أو الأحرف الأولى من الإجابة المطلوبة من الطفل لكي يتمكن من إجابة السؤال وتقوم الأم بإعطائه قطعة الشوكولاطة . وفي نظرية تعديل السلوك , يُطلق على مثل هذه المساعدة " التلقين " . وهنالك تقنيات أخرى مثل : التشكيل ( وهو إجراء لتعليم الفرد يبني على ما يعرفه ويطوره خطوة بخطوة الى أن يتمكن من القيام بالسلوك المستهدف بأكمله ) , والتسلسل ( وهو إجراء تعليمي يُبنى على تحليل المهارة المستهدفة الى عدة أجزاء ومن ثم يقوم المعلم بتعليم الفرد كلا ًمن هذه الأجزاء على حدة الى أن يتمكن من إظهار المهارة المستهدفة بأكملها ) .

دور الأسرة من وجهة نظر لوفاس :

إن أعضاء أسرة الطفل التوحدي هم الأشخاص الذين يقومون على تعليمه بعد أن يمروا بمراحل تدريب مكثفة حول الإجراءات التطبيقية لتعديل السلوك , وحول خصائص برنامج لوفاس قد تتراوح مدتها بين 7-14 يوما ً أو أكثر . وحيث أن البرنامج يتطلب مجهودا ً كبيرا ً ولا سيما من حيث الوقت , فهم قد يطلبون المساعدة من المتطوعين من أفراد الأسرة والأقرباء والأصدقاء عددا ً معينا َ من الساعات يوميا ً أو أسبوعيا ً . وتتم هذه العملية بأكملها تحت إشراف شخص مختص من برنامج لوفاس .


مقابلة مع الدكتور لوفاس


منقول